في قلب مدينة تعز الصامدة لعقد من الزمن في وجه الحصار التي تفرضه مليشيات الحوثي الكهنوتية ، تتصاعد أصوات المقاومة من حناجر طلاب وطالبات المدارس، بألحان الثورة والحرية التي تصدح في "مهرجان الأغنية الوطنية 2025"، الذي يُقام تحت شعار "مدارس تغني للوطن" وتحول إلى ساحة فنية وثقافية، تهدف إلى ترسيخ قيم الجمهورية والثورة في وعي الأجيال الشابة.
منصة تربوية وفنية
انطلق المهرجان تزامناً مع احتفالات اليمن بالذكرى الـ 63 لثورة 26 سبتمبر والـ 62 لثورة 14 أكتوبر، وشاركت فيه 15 مدرسة من محافظة تعز، قدمت أكثر من 30 أغنية وطنية بين أعمال تراثية وأخرى جديدة، في منافسة فنية تُتوج بحفل كرنفالي يشارك فيه نحو 300 طالب وطالبة.
لجان تحكيم متخصصة ودعم مؤسسي
تتولى لجنة تحكيم متخصصة مكونة من خبراء في المجالين الفني والأكاديمي، مثل الموسيقار محمد عبد الملك، والدكتور صادق القاضي، والأكاديمي نجيب الموادم، تقييم العروض المقدمة. المهرجان، الذي ترعاه قناة الجمهورية وتنفذه مؤسسة المدينة للإنتاج الفني والإعلامي بالشراكة مع مكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز، يجسد نموذجاً للتعاون المؤسسي الهادف إلى تأدية رسالة وطنية سامية ، واكتشاف المواهب الشابة ودعمها.
الفن في مواجهة الموت
الأستاذ فكري قاسم، رئيس مؤسسة المدينة للإنتاج الفني والمشرف على المهرجان، وصف الحدث بأنه "لحظة فارقة"، مشيراً إلى أن: "الأغنية الوطنية اليوم هي خط دفاع عن الجمهورية لا يقل صلابة عن ميادين القتال، وهي جسر يربط الأجيال الجديدة بروح سبتمبر وأكتوبر". كما لفت إلى أن المهرجان يهدف لتشجيع إنتاج أعمال جديدة تستلهم روح الجيل الذهبي من الفنانين والشعراء، وتواكب تحديات الحاضر.
الفن الوطني سيظل حارساً للهوية اليمنية
يؤكد الدكتور عارف الأتام، الأمين العام للمهرجان، أن أصوات الطلاب والطالبات اليوم تؤكد أن "اليمن عصية على محاولات العودة إلى الماضي الإمامي الكهنوتي، وأن الفن الوطني سيظل حارساً للهوية الجمهورية".
المهرجان فعل مقاومة وصمود
من جانبه قال مدير مكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز عبد الواسع شداد: إن "المهرجان فعل مقاومة وصمود أمام محاولات تزييف التاريخ"، مضيفاً: "الأغنية الوطنية ستظل حارساً للهوية الجمهورية وصوتاً خالداً للوطن".
وأشار “شداد” إلى أن مكتب التربية والتعليم يولي اهتماماً بالغاً بغرس قيم الولاء الوطني في نفوس الطلاب، وتشجيع المواهب الفنية التي تعبر عن هموم الوطن، وتُعيد التذكير بمسيرة الثورات اليمنية المجيدة ضد الاستبداد والإمامة والاستعمار، باعتبار الفن سلاحاً مؤثراً ورسالة سامية.
ذاكرة وهوية
عروض المدارس المشاركة تضمنت أغاني وطنية وثورية خالدة مثل "أنا يمني" و"دمت يا سبتمبر التحرير يا فجر النضالي" و"صباح الخير يا وطناً يسير بمجده العالي إلى الأعلى"، إلى جانب أعمال حديثة حملت بصمة الجيل الجديد، مثل "أنا السبتمبري الأبي " كلمات فكري قاسم ، وألحان عصام التبعي وتوزيع موسيقي لـ عصام قائد ، وكذا "جيل الوحدة" بصوت طلاب مدرسة 7 يوليو، و"سبتمبر المجد" لفرقة مدرسة أروى، و"تعيشين يا ثورتي الظافرة" لطالبات مدرسة نعمة رسام. هذه اللوحات الفنية شكلت ذاكرة جماعية حية وأكدت أن الأغنية الوطنية ليست مجرد لون فني، بل ركيزة من ركائز الوعي والهوية اليمنية.
دعوات للاستمرار
العديد من المثقفين والأكاديميين وصفوا المهرجان بأنه "فكرة نضالية ترفع لها القبعات"، مشددين على ضرورة تحويله إلى تقليد سنوي، وأن تُدرج الأغاني الوطنية ضمن مناهج التربية والتعليم، إلى جانب تأسيس فرق موسيقية ومسرحية مدرسية تضمن استمرارية النشاط الثقافي والفني.
حارس الذاكرة
ويُختتم المهرجان بحفل كرنفالي كبير يجسد وحدة الطلاب حول قيم الجمهورية، ويؤكد أن الأغنية الوطنية تبقى شاهداً حياً على عظمة ثورتي سبتمبر وأكتوبر، ورسالة واضحة بأن تعز – رغم الحرب والحصار – ستظل حصناً منيعاً للفكر الجمهوري، وأن الفن قادر على حماية الذاكرة الوطنية في وجه محاولات الطمس والتزييف.
0 التعليقات:
أضف تعليقك